Wednesday, January 3, 2007

كيف تبحث عن عنوان؟



يستيقظ فى الصباح، يؤدى بعض طقوسه المعتادة، ينظر إلى الشمس، يشيح بوجهه عنها وكأنه لا يحتمل أن يراها، يلتقى بصديقه دائماً فى نفس الموعد وفى نفس المكان، يتبادلان أطراف الحديث التى لا تنتهى، يفعلان الكثير والكثير فى محاولة لإضفاء بعض من البهجة التى تكسر الملل، لا يذكر أنهما استمتعا يوماً بما يفعلان، لكنهما يفعلانه على أية حال.
يمضى فى طريقه، يتوقف، يلتفت حوله، ينتظر ثم يمضى مجدداً، يبحث عن صورة اعتاد رؤيتها لسنوات، اختفت هذه الصورة، لم يعد يراها الآن، لم يعد يجدها فى ذلك المكان الذى اعتاد أن يراها فيه، يعلم أنه لن يجدها مرة أخرى فهى لم تعد هناك، يفكر فيما يدفعه إلى البحث عنها، لا يجدما يبرر ذلك ـ حتى ـ أمام نفسه.
يذوق مرارة حقائق ليست بالقليلة، يبتلع هذه الحقائق، يخفيها عن الكثيرين، يتحمل قسوة ذلك الهم والحِمل، أقصى أمانيه أن يتحدث إلى آخرين، يُعلِمهم بما يعرف، يهمس فى أذنهم بما سمع، يضيف إلى هذه الحقائق رؤيته الخاصة، يروى التفاصيل، ينحر فى جوانبها، يغوص فى أعماقها، يفسر ما لا يفهمونه وما يختلفون فيه.
يبحث فى أعماقه عن أحاديث صديقه إليه، لا يذكر منها شيئاُ على الإطلاق، يُربكه وجوده المفاجئ، يسدد إليه لكمة قوية،ة يرفض ذلك النوع من الأحاديث، يتركه فى ألمه، يلتفت إليه قائلاً:
- لم أعد بحاجة إليك بعد الآن.
- شئت أم أبيت، جميعهم يشهدون أنى أفضل منك.
يشعر فى قرارة نفسه بخيبة أمل، يتصنع الشعور بالنجاح والفخر أمام الآخرين، يُبهرهم بما يقول، لكمته إلى صديقه لم تكن إلا لمزيد من الإبهار.
يستشعر أنه يصارع أمواجاً عاتية، الأمواج تبدو وكأنها لا تمت إلى الحقيقة بِصِلة. قطار السابعة، يعرف أنه سيجد ما يريده داخل هذا القطار، ينتظر على المحطة، تفوته قطارات كثيرة، يُفوّت هو قطارات أكثر، ينتظر هذا القطار، لا يعرف ما يربطه بذلك القطار، يستقل القطار، يقرر أن محطته هى القادمة، يلقى بنظرة أخيرة من خلف النافذة، يعرف كيف سيجد طريقه إلى المحطة وسط هذا الزحام.
حقيقة واحدة لم يعد بحاجة إلى أن يخفيها بعد الآن، لكنه لا يبوح بها أيضاً، الصورة تقفز إلى خياله، لكنه لم يعد قادراً على أن يتبين ملامحها.يصرخ فى وجه صديقه: "قوم بسرعة الماتش هيفوتنا".

No comments: